قالت الوردة ٌ، وقفة اغترابية خاصة جدا، لامس فيها «عثمان لوصيف» شمس المطلق، حينما نسج جدائل من الزّئبق بأصابع تحترق، وراح يُروّض أحصنة البرق الشاردة في سماوات الوهج । إننا أمام اغتراب كوني، يحنّ فيه الشاعر إلى بعد مهمل قبل كينونة الزمن الفيزيائي، زمن يؤرّخه الافتراض وحده... و يشتاق فيه إلى فضاء الكينونة الأولى، بعد مهمل لا تدركه إلا روح متصوّفة، تمارس المعراج إلى بحيرات الطهر السماوية। إنه اغتراب صوفي ، يؤرخ لحظة الخلق المهربة من العدميات التي لا يدرك حقائقها إلا شاعر يستطيع تحرير روحه من لعنة الجسد . إن الغوص في العمق الشعري لقصيد قالت الوردة، هو محاولة لكسر مرايا بحيرة الفيوض عند شاعرنا و إحداث الارتجاجات اللازمة لتحديد مراكز الدوائر التي تُرتسم. و هو محاولة لتعرية الأبعاد الوهمية و تثبيت الذات الشعرية، في مواجهة منطقة الانهزامية و الانكسارية منها، لاستشفاف الأبعاد الروحية التي ترنو إليها... وهي محاولة لتحديد الهوية الشعرية لعثمان لوصيف على منحى القصيد دون الانزلاق في أشكال التصنيف الشعري.من شفاهي تنزلق الكلماتسمكا أخضراذهبي الزعانف و الزغباتشاعر... شفتي زهرةو يداي لغاتتسكر الأرض حين أغنيو ترقص أشجارها العاشقاتو الفراشات ترتفّ فوق رموشيو تستيقظ النجمات في هنيهات انثيال الرؤيا على الكائن الشعري، تكون الذات الشاعرة تحت وقع صدمة كهروشعرية. فتُصاب بارتجاج ارتيابي تتمثل فيه حضورها و امتداداتها و أبعادها. و خلال هذه المسافة، تحدث التفتّقات الإبداعية وتتداعى اللغة الشعرية الخاصة وتلتحف الألفاظ معاني الحالة الصوفية... ولا يرتدّ الكائن الشعري، إلى طبيعته إلا وقد نثر على الأوراق عرائس انثيالاته. غير أن هناك شاعر، يتواطؤ مع واقعه، فتكون ذاته الشاعرة مشبعة بترسبات وعوالق، ومثقلة بموانع وعوائق تمنعها من التحليق في كل الفضاءات... هذا الشاعر، صادر حريته المخيالية وتنازل عن العرش الفاضل الذي توّجته به الرسالة الشعرية... شاعرنا سفّه واقعه وتحرر من كل اللزوميات والفروض وراح يرتاد المجاهيل، ليثبّت الطبيعة ويعيد إليها عذريتها المستلبة، وليحقق الهوية الإنسانية الخاصة لذاته البشرية ، كذات نمطية لكل البشر المنكسرين تحت وطأة الكفر بالطبيعة والفاقدين للإحساس بالقيمة الإنسانية.آه – يا وردة السهوغني لمعجزة الخلقوابتهجي..ليس هناك من ينكر على الورد رقّته وجماله وما يزرعه في نفسية ناظره، من مباهج وأحاسيس لذيذة . الورد جميل بذاته وهو جميل بصمته وما يختزنه من معاني ومفاهيم سامية، في إطلاقها... وحتى اليوم لم يجد العشاق أبلغ من الورد للتعبير عن آيات العشق في أعماقهم. ولعل الورد قد اختزل كل لغات العالم في أكمامه وأبدع لغة إنسانية مُوحّدة تخاطب الشعور المتسامي وحده .. شاعرنا، أدرك ذلك و أدرك أن الشاعر المتصوّف هو قدّيس العشاق بامتياز، لأنه المُولّه بالعشق للعشق و هو راهب الجمال في محراب الرموز التي تمثل كل جميل . وإذن، فهو الأقدر على فك شفرات لغة الورد وهو الأعرف بأشكال مخاطبتها .. و لأن معجزة الخلق، هي اتحاد منسجم بين آيتي العشق والجمال، فإن وردة واحدة ، في استطاعتها أن تغني لمعجزة الخلق ، إذا ما دعاها شاعر متصوّف... هي وردة السهو، أو وردة الروح المُولّهة التي ألفت المعراج إلى بحيرات الطهر السماوية ، قبل أن يأسرها جسد الطين . وكأن الروح قبل خلق الجسد كانت وردة انصهر فيها منتهى الجمال و العشق.صيحة الأمر دوّتوكن ! فاستجاب السكون العميقوحنت نواقيسه فاختلجولها...و اشرأبّ الظلام امتزجبالرؤى و المرايا التي لألأتأنجما وهزج الشاعر وحّد بين عقله وروحه وألغى مجال التصادمية بينهما . فقد صهر خبرته الوجودية وما ترسّب في ذهنه من معارف علمية بمدركاته الصوفية، فأنتج بعدا خاصا، عقلن الشعور ووحد بين البعد العقلي و البعد العاطفي الانفعالي واستطاع أن يخضع المعرفة العلمية للمدركات الصوفية، دون تنافر أو تناقض.. وراح يعرض لنظرية خلق الكون العلمية بفاهمية صوفية، تجعل من هذا الخلق معجزة يجب أن يستوقفها التأمل والتدبر، من منظار صوفي يعنى بالعشق والجمال. فالسكون العميق (مرحلة العمى) استجاب لصرخة الأمر كُن ، عشقا وولها في الخلق ذاته . وكأن الله أحب الخلق فخلق، وكأن الأصل في الخلق هو الحب، وكأن معجزة الخلق ابتدأت بآية العشق ( الحب).آه... من أي قاع سحيقومن أي بيداء أو عدميتدفق هذا الضياءوتزهر بالصور الفاتناتوبالسحر هذه السرج ؟بعد آية العشق، تدفقت آية الجمال، حينما تدفق الضياء ولألأت النجوم بعد مخاضات البروق والرعود والرياح.... فاكتملت معجزة الخلق – الأولى – بانصهار آيتي العشق والجمال. وها هو الشاعر الصّوفي، يضعنا في مواجهة حقائق الأمور وأعادها الروحية، التي لا تدركها فتوحات العقل وحده. ويتجاوز بنا النظريات المعرفية الجامدة و مظهريات الحياة الزائفة، تجاوزا يمنح التأمل والتدبّر في كتاب الكون، الدلالة المفتاحية ، لقراءة مظهريات الحياة وما تبسطه من إشكاليات حول معناها وأسرارها...يا دم الكونيا ... دميأجّج العشق نارا ونورواتل للعاشقين كتابككي تستفيق العقولوتزهر بالمجد هذي السطوريحاول الشاعر، أن يزرع الاغتراب الكوني في الحس الإنساني، بغية عزله عن الكيان البشري الزائف، لتحريره، ثم إعادة صياغته وفق آيتي الخلق الأولى (العشق والجمال ) ، ليوجد قوة منعزلة بذاتها في عمق الآدمي ، يمكنها أن تُطهّر الكائن البشري من كل الخطايا ، التي تركبه في عصر الضلال وتحرّره من سيطرة مطلقة لعقل برهن فشله المتكرر، لبلوغ الغاية الإنسانية ... فأدوات هذا العقل، تتطور في حدود ضيقة بالتفاعل مع دواعي الاستمرار الوجودي، وكثيرا ما خرجت هذه الأدوات عن سيطرة مبدعها ، فصار الكائن البشري عبدا لها ومهددا كوابيسها .هي ذي سُدُم أنا صادمهاهي ذي جزر أنا راسمهاأتخطىّ النجوم إلى المنتهى.....................سندباد الأعالي أناها المجرات تسبح بيوتقلّدني هالة من جلال البهاء الروح الإنسانية، هي جوهر سماوي خالص ومطهّر تمام التطهّر من عوالق الخطيئة و مكتنز لنورانية الكمال، شهدت التحولات الكونية الأولى، التي تفاعلت فيها ذات الذّرات والعناصر المشكلة لجسد الطين الذي يأسرها... لا تتساءل عن الحقائق العلمية لنشأة الكون ولا تبسط ذاكرتها لتقارع مكتشفات العقل فيما كانت شاهدا فيه، بل تحاول أن تؤكد بشهادتها، أن تاريخها، منفصل عن تاريخ جسد الطين الذي يأسرها وعن تاريخ خلق الكون المادي... ولعل أقصى ما تطمح إليه، هو التأكيد، أن آيتي العشق والجمال متأصّلتين فيها وأسرها في الجسد، هو تأصيل للآيتين في إنسانية الإنسان. بمعنى، أن هذا الآدمي هو إنسان بروحه قبل أن يكون كائنا بشريا بعقله.أي لغز أنا ؟أي أسطورة بالرّدى ترتطموتظل تسافر من رحم ل رحم ؟كم رسمت الخرائطكم بت أطعن ليل العدمكم كتبت الشموسوأعطيت شكل الكواكبشكل البحار وشكل الدّيم كل ما قدّمته المعرفة العقلية ، من معارف علمية ، أعانت على فهم الظواهر الطبيعية وتفكيك عناصرها وتسخيرها... والغاية هي كيفية إعداد الكون، من أجل أن يمارس علية الآدمي حياته. ولكنها لم تستطع أن تضبط العلاقة الروحية بين الإنسان والعناصر الأولية لهذا الكون. ولم تستطع، أن تحدد، دور الإنسان في الكون، انطلاقا من تلك العلاقة. فتقنعه برسالة معينة، حينما يعتقد فيها، يحقق إنسانيته. كل ما قدمته المعرفة العقلية، ساق إلى القلق والاضطراب ولخوف من الآتي... المعرفة العقلية، تُحدّد الآدمي، ككتلة مادية من العناصر مستقلة بذاتها وبتفاعلاتها عن منظومة الكتل المادية المنتشرة في الكون... وشاعرنا يبحث في أصل العناصر الكونية التي انطلقت من صرخة الأمرٌ كنٌ، وكانت الروح شاهدة على ذلك، من موقع ما... وإذن، فإن علاقة حميمة، أشبه بعلاقة الدم، تربط موجودات الكون، وهذه العلاقة تدركها المعرفة الصوفية بأدوات الصوفي الخاصة.كم عبرت صحارى القرون العجافهتكت حجاب الظلموتسلقت فجر القممكم وقعت على هامتي ميتاغير أني ارفض أن أنهزملم أزل منذ مليون عمر مضىأتذكر كل الملاحم والمعجزاتوكل الصواعق والنيازككل البراكين والحمم لم يستطع جسد الشاعر، أن يكتسب أسباب سعادته مما يمتد أمامه من موجودات يمكنه ملامستها وامتلاكها، ومن وسائل في استطاعته تملّكها وتوظيفها، فراح يرنو إلى سعادة روحية خالصة، مستغرقا في الوهج الصوفي، إلى الحد الذي يتحول فيه الشاعر إلى كائن أثيري، يفتّش في ذاكرة الروح.. فينطلق من عذابات الواقع الجزئية والمجزّأة وينتهي إلى تجربة روحية شاملة ، ينتفي فيها الزمن الفيزيائي وتنفتح بوابات الاستكشاف أمام سندباد الأعالي ، فيؤرخ لمليون عمر مضى ، على زمن الروح المتواصل في الساعة السرمدية. ورحلة سندباد الأعالي، هي محاولة جريئة جدا لتأكيد كشوفات العقل المعرفية، في سياق الاتحاد بالكون واستنطاق عناصره الأولى. ليس من أجل عقلنة الحالة الصوفية وإلباسها بعدا علميا، و لكن من أجل تأكيد المعرفة الصوفية و مدركاتها، كمفتاح أساسي في قراءة الأبعاد المهملة للإنسان. وأيضا، من أجل رفع حالة الاغتراب الكوني، التي يحياها الشاعر وتأكيد اغتراب الإنسانية، ليس فقط عن بعدها الكوني ولكن اغترابها عن جسد الطين الذي يأسرها... وكأن الكائن البشري، يحيا حالة احتباس روحي فظيعة، أحدثت بينه وبين معجزة الخلق (آيتي العشق والجمال) قطيعة مهولة.مقلتا امرأة خطّتا قدريويدان تشيران ليأن أفقالسماوات تغسلني بالنبيذوتلبسني سندسا ويققها هنا نهر يتلاغىهنا زهر يتناغىهنا سدرة ونبقالسماوات...يا للسماوات من شاعر يحترق إن العشق و الجمال، آيتان قيميتان ، تدركهما الذات المرهفة التي تمتلك أدوات التفكّر والتدبّر في معجزة الخلق وتمتلك فيضا إيمانيا ، يطهرها من رجس الانجذاب إلى مستنقع المساحيق والأقنعة والواجهات المزيفة .. وكل ما أبدعته المعرفة المادية و أغرقت فيه دنيا الإنسان، فخنقت أنفاس البشرية و صدتها عن اكتناه حقيقتها الإنسانية... ولعل الشاعر قد أدرك، بحدسه الصوفي ، أن التغلغل إلى أعماق العقلية المادية وتفجير ثورة قيمية بداخلها، يستلزم اكتساب الذات البشرية ، أبسط أدوات التواصل مع معجزة الخلق... فوجد بإدراكه الصوفي، أن المرأة هي آخر ما تبقى من مفاتيح للولوج إلى فضاءات الذات البشرية.. و المرأة تختزل كل الأبعاد القيمية الفاضلة، فهي رمز العطاء الخصب الازدهار و هي وسيلة تفجير ثورة العشق و هي أبجدية قراءة الجمال. فمن لا يعشق لا يستطيع أن يستبطن منطقة الأحاسيس في أعماقه و لا يستطيع أن يكتشف ممالك القلب في دخيلته. ومن لا يهتز للجمال وينتشي بلذاته السحرية، لا يمكنه أن يراقص عرائس الذوق في ذاته ولا يستطيع أن يلامس حقيقته الإنساني.حينما يلتقي عاشقان هناتحبل الأرض بالمعجزات الكباروآياتها تكتملإن امتلاك القدرة على قراءة الجمال بروح عاشقة، يفجر ينبوع الإنسانية في أعماق الذات ويطهر الكائن البشري من خطايا العقل الضال بمعارفه... والتقاء عاشقين، هو أسمى مراتب التوحد بذات الطبيعة، في ميقات خارج سياق الزمن الفيزيائي... وعبر هذا الالتقاء وحده، تسقط جغرافية الحدود وقوانين الجنسية وحواجز اللغات... لأن آية كبرى تتكشف على ارض البشر وهي ميلاد الإنسان الكوني ( المتحد بعناصره الكونية ) ... إن ميلاد الإنسان، من رحم المرأة و ميلاد الإنسان الكوني من المرأة ببعديها العشقي والجمالي... فالخلق في رحم المرأة ، والخلق بالمرأة ذاتها ، في المنظور الصوفي لشاعرنا .آه... يا قارئيلا تقل : عبثا كل هذا السفرعدت مكتنزا بالمعانيومحتشدا باللظى و المطرالمرايا ترفرف حوليالبروق تطوّقنيوتفيض على مقلتي ألوف الصور ليس عبثا أن يعانق الشاعر زهرة روحه ويرتاد المجاهيل الكونية والدياميس المقفلة، بحثا عن السر الذي يوحد بني البشر ويطابق بين الإنسانية والطبيعة والكون... فيكشف لنا وحدة الروح الإنسانية وحقيقة الإنسان الكوني الذي ترسم الروح منحى عقله ويقوم تاريخه الكوني مقام الضمير فيه... وقد قدم لنا الشاعر، كشفا صوفيا، لا تتعارض فيه المعارف العلمية مع المدركات الصوفية. وهو لا يمنحنا فرصة التساؤل عن هُويّته الوجودية، ربّما حتى لا يورطنا في الكشف عن سره الصوفي الذي فتح له المسالك التي لم يبصرها العلم و لم يتبصّرها التّأمل و لم يدركها المخيال الفني..آه يا جسد الطين يا جسديإن سلختك بالأمس عنيوغادرت هذا التراب وهذي الحفرفلكي أتبطن غامض سريوأنحت من صاعق الرعدمعنى لهذا الوجودوارفع بالدم والنارمعراج كل البشر
إذا أسلمنا بالحقيقة الصوفية التي انتهى إليها الشاعر، وهي وحدة الروح فلماذا يتقاتل البشر ؟ وإذا كان البشر يشتركون مع الطبيعة عضويا، في تاريخ كوني واحد، فلماذا يعلنون عليها الحرب ويخنقون الحقيقة الإنسانية وبالمقابل ينتصرون لأكاذيب وأوهام العقل الضّال ؟ لقد أراد الشاعر، أن يصوغ معنى للوجود، باكتشاف الحقيقة الإنسانية الواحدة ولعلها الحقيقة اليقينية الوحيدة، التي يمكن للكائن البشري إدراكها ، إذا تبع مسلك العشق والجمال... وأترك للقارئ، يستنبط رسالة الشاعر، من القصيد الديوان ٌ قالت الوردة ٌ من خلال هذا المقطع الشعري الذي اعتبرناه بمثابة بيان شعر.
أيها الآدمي الذي يتجبّر
قد سطعت على الملكوت
إلها صغيرا
وأورثك الحق هذه البسيطة
أنت الخليفة فيها فلا تنكر
الأمانات بين يديك
رويدك لا تتماد فتخسر
أنت من جوهر
في السماوات كان تألق
ثم استويت هنا بشرا
من تراب تكوّر
هي ذي الأرض تدعوك
أن تتلطّف
تزرعها جلجلانا وجوهر
ونوافذ تهفو على الكائنات
فتسكر
آه ... هل كنت جئت هنا تسيطر
فتذلّ الضعيف
تريق الدماء
وتفسد ما أبدع الله
يا أيها الآدمي
استعذ بالهوى و تطهّر
واعتنق زهرة البرق
والأرج المتسعر
أيها الآدمي تحرّر
من عبودية النفس والشهوات
وكن نغما يتغنّج
أو أنجما في الدياميس تزهر
وسحابا يفيض
إذا الحقل أقفر
وغدا الصبح أكدر
أيها الآدمي تذكر
نفخة الحق فيك
وكيف اصطفاك لتحتضن الأرض
تفرشها أغنيات
وعشقا
وعنبر
أيها الآدمي تعطر
بالهوى
ثم صلّ مع العاشقين وكبّر
فإذا غلبتك الغرائز
فالله اكبر
ملاحظة: هي مجرد قراءة عاشقة في قصيد للشاعر الجزائري عثمان لوصيف نُشر في الصحافة وهو مبثوث على بعض الفضاءات النّتّية وأردت تثبيته في مدوّنتي।
تعريفا بالشاعر الجزائري عثمان لوصيف سأورد نقلا عن الشاعر الجزائري عبد الكريم قذيفة ما كتبه تقديما لشاعرنا دون تصرّف ولا إضافة
"- منذ صدور ديوانه الأول ( الكتابة بالنار ) سنة 1982 ، وصولا إلى ديوانه السادس عشر(قالت الوردة ) الذي صدر سنة 2000 ،مرورا بتجربته في النثر التي حملت عنوان (ريشة خضراء) .
ظل الشاعر عثمان لوصيف يمثل ظاهرة في الشعر الجزائري الحديث ، ظاهرة على مستوى البنية الفنية للنص ، و ظاهرة على مستوى مسار التجربة ، مما حدا بجيل كامل من الشعراء إلى اعتباره
( أمير شعراء الجزائر ) تقديرا لثراء تجربته وتميزها عن غيرها من التجارب التي سبقته ، والتي جايلته.
- يعتبره أغلبية من شعراء التسعينات مرجعا ونموذجا يقتدى به ويستفاد من تجربته .منجذبا نحو لغة صوفية راقية ، بتلقائية ودون افتعال ، مكتملا في بناء نصه خليليا كان أم مرسلا ، مبتكرا لغته وقاموسه الأدبي.
- يحرر الشاعر عثمان لوصيف نصه من أي إطار إيديلوجي قد يوضع
فيه ، على خلاف شعراء السبعينات الذين أثخنت نصوصهم المصطلحات السياسية والفكرية .
وفيا لعصاميته في بناء ذاته الشاعرة ، ظل الشاعر عثمان لوصيف منزويا بعيدا ، يشكل عالمه الشعري انطلاقا من ذاكرة غنية بما انكب على قراءته من مناهل الأدب العربي القديم والحديث ، كما ساعده تعلمه للغتين الفرنسية والإنجليزية على مطالعة كثير من الآداب العالمية ، كما أغنى تجربته ميله إلى الفنون الأخرى كالرسم والموسيقى والخط والمجسمات وتجويد القرآن الكريم .
- حصل على شهادة الباكالوريا سنة 1974 ، لكن ظروفه الإجتماعية حرمته من الدراسة في الجامعة حتى سنة 1980 ، ليتخرج منها بشهادة ليسانس أدب عربي عام 1984 .
- عمل بالتعليم الثانوي لسنوات طويلة .. ونظرا لحالته الصحية
المتعبة ، أحيل على التقاعد المسبق بطلب منه .
غير أنه عاد والتحق منذ سنتين بجامعة المسيلة ، حيث يزاول عمله كأستاذ في معهد الأدب العربي .
- ظل الشاعر لسنوات عدة يكتب بعيدا عن الأضواء ، بعيدا عن صخب الملتقيات و المناسبات ، لكنه عاد مع بداية التسعينات تقديرا لمجموعة من الشعراء الأوفياء ، حيث أصدر عدة دواوين تباعا ، كما حصد عديد الجوائز وطنيا ، ولعل الأهم في كل ذلك التكريمات التي حظي بها من عدة هيئات ثقافية تقديرا لتجربته المتميزة في الكتابة .
- يعد الشاعر الأن للطبع مجموعتين شعرييتين ( جرس لسماوات
الماء ) و( يا هذه الأنثى ) ."